کد مطلب:241333 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:286

منهاج تناول الطعام أو تدبیر الصحة فی الفصول الأربعة
تدبیر الصحة فی الفصول الأربعة:



یقول راجی ربه ابن سینا

و لم یزل بالله مستعینا



یا سائلی عن صحة الأجساد

اسمع صحیح الطب بالاسناد



ان استقصات الوجود أربعه

أودع فیها الله سرا أبدعه



عناصر محكمة الفنون

مخلوقة من كافها والنون



سبحانه أبدعها بحكمته

طبیعة قائمة بقدرته



أسكن فیها حكمة التدبیر

كانت بكون الفلك المنیر



حار و رطب یابس و بارد

هم البسیطات و لیس زاید



و بعضها مركب من بعض

قام بها ما فی السما و الأرض



مما علا فی العالم العلوی

أو كائن فی العالم السفلی



النار والماء والتراب والهوا

ینبط منها الداء أیضا والدوا



امتزجت مختلفات الجنس

فی كل جنی و كل أنسی



منها تتم سائر الأجساد

علی صلاح كان أو فساد



من صامت بین الوری و ناطق

و كل ما یخلق من خلائق



من معدن أو من نبات فی الوری

والحیوان ما خفی و ما یری



تلك هی الأركان فی الحیاة

و كل داء فهو منها یأتی



والداء منها ضده دواه

حكم حكیم ما لنا سواه



فالحار بالبارد یستقیم

والبارد الحار له مقیم



و داو بالیابس رطب العلل

و یابسا بالرطب عند العمل



و أصله المشروب والمأكول

لكل داء منهما دلیل



والسن فاعلمه دلیل ثانی

والثالث الاقلیم والبلدان



والرابع الفصل، دلیل واضح

فی صنعة الطب و عدل ناصح



ما الشیخ فی مزاجه كالطفل

كلا و لا الصبی مثل الكهل



والروم لا تشبهها أرض الیمن

و لا لبغداد مزاج كعدن



و لا ربیع الوقت كالخریف

و لا الشتا فی الطبع كالمصیف



ثم الفصول أربع فی العام

دائرة فیه علی الدوام



تدبیر الصحة فی فصل الربیع



منها الربیع و هو میزان العمل

اذا رأیت الشمس فی برج الحمل



حار و رطب أعدل الزمان

فیه یهیج الدم فی الانسان



أول نزوله الشمس فی برج الحمل

اشرب الماء فاترا علی العجل



و ان تضع فیه شراب الورد

تأمن من الحمی و نفض البرد



فافصد و الا احجم علی قدر القوی

و اعزم اذا شئت علی شرب الدوا



و اشرب علی الریق من الماء الفاتر

شیئا یسیرا دائما من باكر



و لازم الحمام فیه و استمع

و احلق جمیع الرأس فیه تنتفع



و قل فیه من جماع النسوة

و استعمل الدهن و شرب القهوة



و اجتنب الخمر العتیق انه

یولد الصفرا و ذاك فنه



ایاك أن تكثر أكل الحلوی

فالدم سلطان عظیم البلوی



و كل حار رطب تجنبه

والبارد الیابس حقا فاقربه



و استلطف الغذاء فیه بكره

فالجوع فی هذا الزمان یكره



و اكثر لشم الورد فیه و اغتنم

لكل ریح طیب فیه اشتمم



والثور أقوی فیه من قواه

و آخر الجوزاء منتهاه.



تدبیر الصحة فی فصل الصیف



و بعدها یأتیك فصل الصیف

الیابس الحار الشدید الحیف



فننزل السرطان شمس أوجها

والأسد الضاری حقیقا برجها



یهیج الصفرا بلا محاله

و یضعف الشهوة باستحاله



یقمعها شربك بزر الرجله

مع النقوع والبزور جمله



و وجهك اغسله بماء الورد

و اجعل غذاك مائلا للبرد



و اختر من الأطعمة الحوامض

و كل شی ء بارد و قابض



كالحب رمان و ماء الحصرم

والتمر هندی النافع المكرم



والخل واللیمون والتفاح

والزیرباج معدن الصلاح



كذا السعوط مع عشاء باكر

دهن البنفسج الطری الفاتر



و بعدما تأكل فاشرب جرعه

من بارد الماء تنال نفعه



ورش فی المجلس ماء البحر

و امزجه فی الرش بخل خمر



و شم فیه صندلا محكوكا

أیضا و كافورا یكن مفروكا



و لا تكاثر فیه للحمام

بل برد الجسم بالاستحمام



ایاك أن تسهر فوق قدرتك

و لا تفوته بسوء فكرتك



ودع عناء الكد فیه والتعب

والانزعاج فیه أیضا و النصب



و احفظ لما أوصیك فیه وافعله

حتی تری الشمس ببرج السنبله.



تدبیر الصحة فی فصل الخریف



و ان تحل الشمس فی المیزان

یبدو الخریف ظاهر العیان



یحرك السودا لفرط یبسه

و برده من عكسه لنفسه



یشرب فیه المسهل القویا

من لم یكن عن شربه غنیا



فاشربه فی عامك فرد دفعه

و لا تكن منك الیه رجعه



و كل ما عفن عند الریف

من الملوحات مع الحریف



فاتركه لا تأكله بالجمله

فانه اصل لكل عله



و كل شی ء بات فی الملح ردی

من لبن أو سمك مقدد



و خفف الحمام والجماعا

انهما یهیجا الأوجاعا



و احذر تكون مهملا لقولی

تندم علی التفریط یا ذا الحول



و ان دخلت فادهن قبل العرق

و نطل الجسم و ایاك القلق



و استعمل اللحم السمین والسمك

فما علی جسمك فیهم من درك



و كل من الاسماك ما تفلسا

و لا تذق منه الذی تملسا



و ان أكلته بحسب الشهوه

فاحذر علیه أن تذوق القهوه



بل عسل النحل مع الجلاب

ان شئت أن تظفر بالصواب



فعسل النحل یزیل ضره

والثوم، لكن أن یكون بكره



والزبد والیبراق كل والالیه

فلیس فی اكلهم أذیه



و اعلم بأن سائر الأدهان

نافعة فی مثل ذا الزمان



و اخضر البطیخ كله والعنب

و لا تكثر فیه من أكل الرطب



و اجتنب الأصفر فهو عله

لكل جسم كان فیه العله



و مصك اللیمون من بعد الرطب

یطفی لهیب حره مع الكرب



والمشمش أمعن فیه ان اكلته

و ازدده ینفعك متی اكلته



والعقرب ان حلت به و تنزله

كذلك القوس تمام التكمله.



تدبیر الصحة فی فصل الشتاء



و ان تحل الشمس فی الجدی أتی

البارد الرطب المسمی بالشتا



لكنه فصل شدید الوخم

و ضره یوجب تجمید الدم



یهیج فیه البلغم الثقیل

فیه النكاح ضره قلیل



والماعز احذره و لحم البقر

واللفت والفجل الردی والجزر



واللبن الحامض والخل دعه

والخس واللیمون فاتركه معه



و كل رطب بارد تجنبه

و لا تهون فیه و احذر تقربه



و اختر من الأطعمة السوادج

كالارز والمصلوق والطباهج



و اكثر من الكن و قل الحركه

و استعمل الفاترا تلقی البركه



ونم وطیا و اسبل الغطاء

تأمن علی اعضائك الهواء



و ضاجع النسوة فی الفراش

بالضم والتقبیل والهراش



و احذر نكاح حامل أو مرضعه

و لا عجوز لیس فیها منفعه



و كل من جاوزت الخمسینا

فالموت منها قد غدا مبینا



لكن بنت العشر والثمانیه

ترد اعضاء الشباب الفانیه



خدودها تغنی عن التفاح

و ثغرها یغنی عن الأقاح



كذا لماها سكر مع عنبر

و تحت ابطیها كمسك أذفر



والدلو والحوت تمام التكملة

فابدأ بأفعالك مثل الأولة.



تدبیر المآكل فی الصیف



و قلل الغذاء فی المصیف

و مل بما تغذو الی اللطیف



و اجتنب الغلیظ من لحمان

و مل الی البقول والألبان



والسمك الطری والجدیان

و وسط السن من الحملان



و من فراریج و من دجاج

و لحم طیهوج و من دراج



من كزبریة و من سكباج

و حصرمیة و زیرباج



و جنب الحلواء كالخبیص

و عجة الكراث والفصوص.



و مل الی الهلام و القریص

و كل من الطفشیل والمصوص.



[ صفحه 92]



قال علیه السلام: كل البارد فی الصیف [1] ، والحار فی الشتاء، والمعتدل فی الفصلین، علی قدر قوتك و شهوتك [2] ، و ابدأ فی أول



[ صفحه 93]



الطعام [3] بأخف الأغذیة التی یغتذی بها بدنك بقدر عادتك و بحسب طاقتك و نشاطك، و زمانك الذی [4] یجب أن یكون أكلك فی كل یوم



[ صفحه 94]



عندما یمضی فی النهار ثمان ساعات أكلة واحدة، أو ثلاث أكلات فی یومین تتغذی باكرا فی أول یوم، ثم تتعشی، فاذا كان الیوم الثانی، فعند مضی ثمان ساعات من النهار أكلت أكلة واحدة و لم تحتج الی العشاء، كذا أمر جدی محمد المصطفی صلی الله علیه و آله و سلم و علیا صلوات الله علیه فی كل وجبة [5] ، و فی غده وجبتین. ولیكن ذلك بقدر لا یزید و لا ینقص.

و ارفع یدك من الطعام و أنت تشتهیه، ولیكن شرابك علی أثر طعامك من هذا الشراب الصافی العتیق مما یحل شربه، و أنا أصفه فیما بعد.

و قال الامام الرضا علیه السلام: و نذكر الآن ما ینبغی ذكره من تدبیر فصول السنة و شهورها الرومیة الواقعة فیها فی كل فصل علی حدة، و ما یستعمل من الأطعمة والأشربة و ما یتجنب منه و كیفیة حفظ الصحة من أقاویل القدماء. و نعود الی قول الأئمة علیهم السلام فی صفة شراب یحل شربه و یستعمل بعد الطعام.



[ صفحه 95]




[1] يحتمل أن يكون المراد بالبارد البارد بالفعل كالماء الذي فيه الجمد والثلج، أو البارد بالقوة بحسب المزاج كالخيار والخس، و كذا الحار يحتملهما.

و ذلك لأنه لما كان في الصيف ظاهر البدن حارا بسبب حرارة الهواء، فاذا أكل أو شرب الحار بأحد المعنيين اجتمعت الحرارتان، فصار سببا لفساد الهضم و كثرة تحليل الرطوبات، و كذا أكل البارد و شربه في الشتاء يصير سببا لاجتماع البرودتين الموجب لقلة الحرارة الغريزية. و منه يظهر علة رعاية الاعتدال في الفصلين المعتدلين.

[2] اعادة لما مر تأكيدا، و اشارة الي أن كثرة الأكل و قلته تختلفان بحسب الأمزجة، فالمزاج القوي والمعدة القوية يقدران علي هضم من الغذاء، و صاحب المزاج الضعيف والمعدة الضعيفة، قليل من الغذاء بالنسبة اليه كثير.

[3] هذا اشارة الي الترتيب بين الأغذية، بأنه اذا أراد أكل غذاء لطيف مع غذاء غليظ بأيهما يبدأ، فحكم عليه السلام بالابتداء باللطيف من الغذاء و كذا ذكره بعض الأطباء، فانه اذا عكس فيسرع اليه هضم اللطيف، و الغذاء الغليظ لم يهضم بعد، و هو في قعر المعدة قد سد طريق نفوذ المهضوم الي الأمعاء، فيفسد المنهضم و يختلط بالغليظ فيفسده ايضا، و يصير سببا للتخمة.

و جوزوا ذلك فيما اذا كانت المعدة خالية من الغذاء والصفراء، و كان في غاية الاشتهاء و أكل قليل من الغذاء الغليظ و مر عليه زمان حصل فيه بعض الهضم ثم أكل اللطيف ليتم هضمها معا في زمان واحد. و اذا ابتدأ في تلك الحالة بأكل اللطيف اشتملت عليه المعدة و أسرع في هضمه، فاذا أكل الغليظ بعده لم تقبله المعدة، فتنفرت منه فيفسد.

و منهم من منع من الابتداء باللطيف مطلقا، معللين بأنه اذا ورد المعدة و أخذت في هضمه كان هضمه قبل الغليظ، فينفذ في الامعاء و يختلط به بعض غير المنهضم من الغليظ، و يصل الي الامعاء، و يصير سببا للسدة.

و منهم من منع من الجمع بينهما مطلقا، و ما ورد في الخبر علي تقدير صحته هو المتبع.

[4] ثم شرع عليه السلام في بيان زمان الأكل و مقدار الأزمنة بين الأكلات، فجعل له طريقين: أحدهما أن يأكل في كل يوم أكلة واحدة عند مضي ثمان ساعات من النهار والثاني أن يأكل في كل يومين ثلاث أكلات، و الاعتياد بهما لا سيما بالأول أعون علي الصوم و علي قلة النوم، لكنهما مخالفان لما ورد من الأخبار في فضل التغذي والتعشي، و فضل مباركة الغذاء، و فضل السحور في الصوم و غير ذلك من الاخبار.

و يمكن حمله علي أنه عليه السلام علم بحسب حال المخاطب أن ذلك أصلح له فأمره بذلك، فيكون ذلك لمن كانت معدته ضعيفة لا تقدر علي الهضم مرتين في كل يوم، و قد جرب أن ذلك أصلح التدابير لأصحاب تلك الحالة.

أو يكون المراد بالغذاء ما يأكله بقدر شهوته من الأغذية الغليظة المعتادة.، فلا ينافي مباكرة الغذاء بشي ء قليل خفيف ينهضم في ثمان ساعات، و يمنع من انصباب الصفراء في المعدة.

بل يمكن أن يكون ما ذكره عليه السلام من الابتداء بأخف الأغذية اشارة الي ذلك، فيحصل عند ذلك المباكرة في الغذاء كل يوم والتعشي ايضا، لأن بعد ثمان ساعات يحصل التعشي بأكثر معانيه.

[5] الوجبة - بالفتح - الأكلة الواحدة في اليوم، و في القاموس: الوجبة الوظيفة، و وجب يجب وجبا أكل أكلة واحدة في النهار كأوجب و وجب. و وجب عياله و فرسه عودهم أكلة واحدة. والوجه الأكلة في اليوم والليلة، و أكلة في اليوم الي مثلها من الغد - انتهي -.